كيف تجعل طفلك ينتقل من مدمن على الشاشات إلى مبرمج صغير؟
إن التقدم التكنولوجي المتسارع الذي نعيشه حاليا، يصعب من مأمورية الآباء والأمهات بمنع أطفالهم من التعامل مع الشاشات ووسائل التكنولوجيا، فتعامل الإنسان مع التكنولوجيا الحديثة أصبح أمرا مفروضا يوميا، وبات من المستحيل تجنب الشاشات بأنواعها .
وبالرغم من أنه يجب تحديد الأوقات و الساعات التي يقضي فيها الطفل وقته أمام الشاشة، فإنه يجب أيضا الاهتمام بكيفية قضاء الوقت أمامها، ومدى اهتمام وانخراط الأطفال في استخدام التكنولوجيا دون أن تؤثر سلبا على حياتهم العامة وطفولتهم.
متى يجب ان نتوقف؟
إن الاستخدام المفرط لتكنولوجيا المعلومات و الاجهزة الإلكترونية دون سواها من وسائل الترفيه والحركة و التعلم أمر يتوجب الانتباه بسرعة اليه. فبعض الأطفال يبالغون في ردة الفعل عندما يطلب الآباء التوقف عن استخدام الحاسوب أو الهاتف أو الشاشات، وهو ما يفسر أن الطفل صار شديد التعلق و وصل الى حد الإدمان والاعتماد الكلي على تلك الأدوات للحصول على السعادة والترفيه. في بعض المنازل يقوم أفراد العائلة بمراسلة بعضهم البعض من خلال الهاتف تزامنا مع تواجدهم في نفس المنزل و هذا يبدو ظريفا ؛ لكن الخبراء و المحللين يعتبرون هذا السلوك كعادة سيئة تجمع بين عدم القدرة على القيام بأنشطة حركية أو اجتماعية والكسل، وتجنب الحديث وجها لوجه، وصنفه موقع “فيري ويل فاميلي” بانه إنذار للتوقف الفوري عن استعمال الشاشات والأجهزة.

قضايا سلوكية:
في أطروحة عن التطور العقلي والسلوكي للأطفال، استنتج الباحث أن هناك تناسبا مباشرا بين الاستغراق في استخدام الأجهزة اللوحية وشاشات التلفزيون مع اضطرابات النوم- بغض النظر عن الفئة العمرية- ، والذي ينتج عنه اضطراب سلوكي بسبب قلة ساعات النوم، وعدم القدرة على الوصول لمراحل النوم العميق الضرورية للنمو والراحة.
وعزت دراسة اخرى نشرت على موقع ساينس دايركت العلمي ، أنه يظهر على الطفل سلوك إدماني في حالة ازدياد عدد ساعات استعماله للشاشات ، ويشمل التوتر والقلق وتناول الطعام بشراهة وعدم التركيز، و الذي يظهر عند محاولة منع الطفل من استخدام الشاشة أو الجهاز اللوحي.
في سن أصغر ، يتكون السلوك الإدماني من نوبات غضب متتالية يصعب السيطرة عليها. وترتفع نسب الاحساس بالشراهة أو الجوع العاطفي لدى الأطفال مستعملي الإلكترونيات والشاشات، وقد ربطت جميع الدراسات التي أجريت على تأثير استعمال الشاشات، وجود علاقة ظاهرة بين استخدام الأجهزة اللوحية والسمنة المفرطة، خاصة صعوبة مزاولة أي نوع من أنواع الرياضة المقترن بضعف اللياقة البدنية وقلة الحركة.
وقد أشارت دراسة امريكية حديثة نشرت في عن وجود علاقة وطيدة بين ألعاب العنف الالكترونية وزيادة نسبة العنف بين الأطفال.
التخييم
و في هذا الاطار ينصح الباحثون بما يسمى:” الفطام الإلكتروني أو الإجازة من استخدام الإلكترونيات” أو ما يسمى “Digital detox” . والذي يعتبر أمرا ضروريا وملحا حتى يألف الأطفال متعة الحركة واللعب الطبيعيين، وليتحرر الاطفال من الجلوس التام أمام الشاشة، نلجا الى التخييم واستكشاف الطبيعة في العطل ، و في العطل الأسبوعية، يُدفع الأطفال إلى مزيد من الأنشطة الحركية،. و الرياضية.
للإشارة هنا يجب نفرق بين طفل يجلس امام الشاشة للعب طول النهار، وآخر يقرأ يراجع او يبحث على الجهاز اللوحي، أو يمارس بعض الالعاب كحل الاحاجي و الكلمات المتقاطعة، التي تساعده على تنمية مهاراته الحسابية واللغوية، هناك الكثير من البرامج و التطبيقات التي تنمي مهارته و تصقل موهبته، ومنها تعلم البرمجة والروبوتيك، والتي انتشرت في العديد من المواقع والمراكز مؤخرا.
وهنا لا بد من التمييز بين “جودة الوقت” (Quality of time) و “مقدار الوقت” (Quantity of time) ، والفرق بينهما كبير ، ويجب الانتباه إلى نوعية الوقت الذي يقضيه طفلك أمام الشاشة.

“كود.أورج “Code.org
يشكل موقع “كود.أورج “Code.orgنقطة انطلاق لتعليم الأطفال البرمجة ، وهو موقع تابع لمؤسسة غير ربحية، يشارك في برمجة العديد من التطبيقات والموارد عبر الإنترنت ، ويستخدمه عدد من المدارس الحكومية والعامة لتعليم الترميز ، ويشرف عليه مجموعة متميزة من خبراء البرمجة والترميز حول العالم.
أكاديمية خان Khan academy
أكاديمية خان Khan academy هي مؤسسة تربوية غير ربحية، تعمل على توفير تعليم عالي الجودة لأي شخص في أي مكان. يقدم موقعها على الإنترنت أكثر من 3600 محاضرة صغيرة عبر مقاطع الفيديو المخزنة على موقع الأكاديمية ؛ من بينها دورات مخصصة لتعليم البرمجة للأطفال بالإضافة إلى العديد من الدورات المجانية الأخرى.
سويفت بلاي غراوندز Swift Playgrounds
موقع سويفت بلاي غراوندز Swift Playgrounds مصمم من طرف شركة آبل Apple لمستخدميها لبرمجة تلائم إصداراتها، يقدم دورات مجانية في البرمجة ؛ لكنها أكثر تعقيدًا من المنصات الأخرى التي تعلم البرمجة للأطفال ، حيث يحل الأطفال الألغاز التفاعلية وألعاب العقل التي تهدف تحديدًا إلى إتقان أساسيات البرمجة.
إن استثمار واستغلال وقت الأطفال يعد من أهم أولويات الاباء و الامهات، فالجلوس على امام الشاشات و الاجهزة اللوحية، يسلب الطفل الوقت اللازم لاكتشاف نفسه وممارسة الرياضة والألعاب والحركة واكتشاف محيطه، وذلك بتقسيم الوقت وإضافة المتعة والاستفادة مما يتعلم الطفل دون الانسياق التام للألعاب، التي تشجع على العنف، وتودي بهم الى الانطواء و الانعزال ، وتضع في خطر السمنة المفرطة.