العصف الدهني والتفكير الناقد.

إن معالم اي حضارة أو أمة تبدأ من فكرة او مشروع فكرة، قد تكون في ظاهرها فكرة صغيرة، لكنها تحمل أثرا بليغا لا يستهان به ، فمن أبرز الأهداف الرئيسية في التعليم هي تنمية التفكير، فتنمية قدرات التفكير عند الطالب او التلميذ هي أول الخطوات نحو الحضارة و الرقي بالمجتمع، هي استثمار و تطوير و ابتكار في شتى الميادين .
اغلب مؤسساتنا اليوم لا زال يطغى عليها النموذج التقليدي، باستعمال اساليب الحفظ و الاستظهار و التلقين، لهذا لا نستفيد الا قليلا من العقول البشرية لأننا لا نستثمر أقصى امكانياتها ، مما جعل مدارسنا تعاني من نقص في أسلوب التفكير السليم لدى طلابها وروادها، و بالأخص التفكير الناقد الذي يتطلب نهج طرق تدريسية مناسبة و مستجدة، و التي من شأنها أن تستثمر اقصى ما للطالب من طاقات .
في ظل هذا الزخم اليومي من المعلومات، و انفتاح الطالب على وسائل الاعلام و التواصل و التكنولوجيا الحديثة بعيدا عن أي رقابة، و في غياب لآليات التحليل و النقد، و دون أن تكون لديهم خبرات مشجعة على حل المشكلات العلمية منها و الاجتماعية التي ستواجههم فيما بعد، خطر يهدد مستقبل أجيال و حضارات .في ملاحظة أولية للعلاقة اليوم بين الطالب و المدرس بخصوص تنمية القدرات الابداعية للطلبة ، يظهر جليا أن أغلب الأساتذة لا يفهمون الإبداع و طرق تنميته كما يجب و يفتقرون الى اليات تدريسه، مهما برع الأستاذ في اعداده للدرس و القائه فلن يشجع التفكير الناقد ما لم يمنح الوقت الكافي للطلاب لإثارة الأسئلة و الاجوبة و التفاعل فيما بينهم و بين ما يقدمه كل منهم.
العصف الذهني أو القدح الذهني (بالإنجليزية Brainstorming):
هو اجتماع مجموعة من الاشخاص من اجل ايجاد فكرة جديدة أو حل لمشكلة ما ولكن بطريقة مختلفة نوعا ما، تقوم هذه الطريقة على مبدأ العفوية والابتعاد عن النقد والمُعيقات، حيث يُسمح للجميع بطرح الافكار والحلول التي تخطر ببالهم دون الخوف من الانتقاد أو الرفض، ثم يتم تدوين جميع هذه الافكار ومن ثم تقييمها في محاولة للوصول إلى حل.
و العصف الدهني يحقق التفاعل بين المتعلمين ، كما يثير لديهم التفكير الجماعي و المناقشة التي من شأنها أن تثير الأفكار و تساهم في تنويعها كما يشجع الكل على المشاركة و إبداء الرأي باستقلالية، فهو طريقة من طرق حل المشكلات بشكل ابتكاري ، استراتيجية العصف الدهني من شأنها أن تنمي التفكير الناقد لدى الطلبة لكونها نشاطا عقليا يساعد على تكوين فكرة أو حل مشكلة من خلال التحليل و الفرز و الاختيار و اختبار للمعلومات غرض التميز بين الأفكار السليمة و الخاطئة.
التفكير الناقد أو التفكير النقدي (بالإنجليزية: Critical Thinking):
هو التحليل الموضوعي للحقائق بهدف صياغة حُكم. وهو له العديد من التعريفات تتفق جميعها في تعريف التفكير الناقد على أنه تحليل عقلاني شكوكي غير متحيّز، أو هو عملية تقييم للمعطيات والأدلة والحقائق. وتشتمل مهارات التفكير الناقد على اعتبار أنه عملية موجهة ومنظّمة تجري متابعتها ذاتيًا وتُصحح نفسها بنفسها كلما اقتضت الحاجة. كما أنه يفترض التوافق مع معايير معينة والاستخدام اليقظ لها، كما أنه يتضمن التواصل الفعّال والقدرة على حل المشكلات، والالتزام بالتغلب على الأنانيّة الفطريّة والأعراف المجتمعيّة.
و من بين ادوات التفكير الناقد:
. النقد العلمي، وعدم الانقياد للآراء الشائعة التي يتناقلها الناس.
- البعد عن النظر إلى الأمور من وجهة النظر الخاصة والتعصب لها.
- البعد عن أخذ وجهات النظر المتطرفة.
- عدم القفز إلى النتائج.
- التمسك بالمعاني الموضوعية، وعدم الانقياد لمعانِ عاطفية.

في الحديث عن طلبة المستويات المتقدمة، يتم استهداف مرحلة المراهقة ، و من أهم خصائص النمو العقلي و المعرفي بهاته المرحلة ، نمو قدرة المراهق على التفكير المستقل مع ازدياد قدراته على التخيل . المراهق طالب ذو ميولات و رغبات تعليمية ، طالب له استعداد لاختبار معلوماته ، كما يملك من الذكاء و القدرة على التفكير و التحليل و النقد و الاستنتاج و الاستدلال الكثير لكنه في حاجة للمواكبة من أجل استثمار هاته الاليات وصقلها و لتوجيهه نحو التفكير الصحيح .
تنمية التفكير الناقد للطالب تستدعي بشكل أولي ، تدريب المدرسين على استخدام استراتيجية تعلمية كاستراتيجية العصف الدهني من أجل تكوين طالب قادر على استثمار قدراته النقدية و بلورتها ، و توعيتهم على أهمية التفكير الناقد و تدريبهم على مهاراته عمليا ، كذلك تطوير المناهج الدراسية بشكل يعزز التفكير لدى الطالب و ليس مجرد استذكار للمعلومات .